الأحد، 12 يوليو 2009

اعدام طفولة


لم تلبث أن ترفع رأسها من كتابها حتى قطعوه بأيديهم الخشنة، قالوا لها: لأنك تحبين الألعاب ولان لك دمية جعلت منها طفلك، هديتك إذن زوج وأطفال.هناك تلعبين كما تشائين دون أن يسألك احد منا ماذا تفعلين، المهم أن همك قد انزاح عنا وان كان لا يزاح حتى بالموت، تركوها وحيدة بقلبها الأبيض النابض بالحياة .
أضاعوها وهي تمسك أيديهم، أحبوها وأحبتهم، ولكنهم نسوها، وربما تناسوها في زمن أصبحت فيه الأنثى مصدر تعاسة لكل من حولها، قتلوا طفولتها وحطموا أحلامها الصغيرة بعد أن كانت عاشقة للحرية والطفولة، فهي لم ترض أن تعيش كما عاشت أمها وجدتها من قبل ،كانت أمنيتها الوحيدة أن تحافظ على طفولتها وان تعيشها كاملة بجمالها ورونقها ، و أن تكمل تعليمها دون تدخل احد، ولكنهم حملوها ذنبا لم يكن لها حيلة فيها، وكل ذنبها أنها خلقت أنثى .
كان نصيبها رجل ذو جاه وأموال ولا يفقه شيئا في فنون التعامل مع المرأة واحترامها، متعصب لا يعلم من الكلمات سوى أقبحها وكل همه هو زيادة أمواله، عاشت وتعايشت في محيطها القاتل لتاء التأنيث ، ورغم ذلك حافظت على الابتسامة المرسومة على وجهها الطفو لي ، كان يظن الجميع أنها سعيدة لكنهم لم يعلموا انه من أصعب الأمور على أي إنسان أن يحسد على شيء طالما حرم منه وتمنى أن يحصل عليه فخلف انفراج الشفاه وضحكة العيون أخفت دموعا و أحزان وكلمات انتظرت أن يأتي من يحللها ويضع النقاط عليها ليختفي جرحها من صميم الفؤاد فمن السهل علينا أحيانا أن نخط على وجهنا ملامح الفرح في حين نخفي تحته وجها نحيلا ظهرت عليه معالم الأسى والحرمان محاولا في تفاصيله أن يجد معنى لهذا القناع الآخر المرسوم فوقه ذاك الوجه الحزين فعبثا أن نجد أي معنى في زمن ضاع منه أي معنى سوى معنى القهر والظلم.حينها قررت أن تكمل ما حلمت به كي تنجح عل هذا ينفعها في نسيان ما جرحها وحرمها من لذة العيش فبمنظورها( أن تعيش يعني أن تنجح، وان لم تنجح فعليك أن تحاول ).شرعت عرين أبوابها في وجه الحياة وصممت على الابتسامة أمام ملامح الدنيا العابسة وقررت أن تبني جسرا من الأمل فوق دنيا سلبت منها كل معاني الأمل والنجاح وكان أملها أن تحقق ما حلمت به طوال عمرها في جنينها وقررت أن تنسى أنها حرمت من شيء تمنته ورغبته طوال حياتها .انتظرت مجيء طفلها يوما بيوم واعتبرته المنقذ الوحيد لها ولكن جسدها الصغير لم يستوعب أن يحمل جسدا أخر اصغر منه ،أصيبت بتسمم الحمل وهي بشهرها السادس، دخلت على إثره المستشفى ومكثت فيه تقريبا أسبوعان ولكنها لم تتحمل أن تبقى أكثر انتقلت روحها إلى السماء كما انتقل معها حلمها، أعدمت طفولتها وطفولة طفلها ومن يعلم ربما أعدمت في روحهما أفكار وإبداعات، كان الذين تسببوا في قتلها هم بأمس الحاجة لهذه الإبداعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق